الصياد آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خبر عاجل

تحصيل حاصل

تحصيل حاصل

 

 محمد شريف أبو ميسم 

من المعروف عالميا ان منظمات المجتمع المدني هي تحصيل حاصل لرقي المجتمع في ظل دولة القانون والمؤسسات، اذ تتولى النخب مهمة التصدي لتأسيس مثل هذه المنظمات، بهدف حماية السلم المجتمعي، ودعم التنمية والاستقرار والديموقراطية وحماية حقوق الانسان، والشفافية ومكافحة الفساد والحفاظ على البيئة والدفاع عن حقوق المرأة والطفل وسواها، في ظل منظومة قانونية وجهاز تنفيذي متكامل.الا ان هذه المنظمات ظهرت في بلادنا، بعد الاحتلال مباشرة بموجب الأمر رقم 45 لسنة 2004 الذي أصدره الحاكم المدني “بول بريمر”، في وقت كانت البلاد تعيش بداية مراحل الفوضى الخلاقة، والتأسيس لتطبيقات “نظرية الصدمة” التي جاء بها الاقتصادي الأميركي “ميلتون فريدمن” بهدف ارباك الوعي المجتمعي والقبول بالحلول الخارجية الجاهزة، ومن ثم، احداث التغيير في شكل النظام الاقتصادي نحو ليبرالية السوق، وبالتالي احلال سلطة المال محل سلطة الدولة، وهذا ما أسست له قوانين بريمر والبالغ عددها 100 قانون. آنذاك أطلق العنان لبعض من ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني، لتكون واجهات لاختباء بقايا النظام الاستبدادي وسلما لتسلق الطفيليين والانتهازيين، بتمويل مباشر من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، المسمات USAID، وبدعم من قبل برنامج الأمم المتحدة الانمائيUNDP ، والمنظمات المستقلة الأوروبية NGOs وجميع هذه الجهات كانت تموّل وتدعم وتوجه بمستويات مختلفة، في بلد كان يعاني من ارباك أمني وفراغ مؤسسي، فضلا عن الاختلالات الواضحة في علاقات السوق والتشكيلات المجتمعية والسياسية، في ظل غياب واضح للقوانين الجادة التي تنظم الحياة، فكان التخابر والتمويل من الجهات الأجنبية سمة عمل بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بالتساوق مع الفوضى الناجمة عن تضليل الرأي العام، اعتمادا على إنصاف الحقائق في نشر المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي، جراء عدم وجود قانون يحد من “جرائم المعلوماتية “، التي كانت وما زالت تهدد السلم المجتمعي وتنتهك خصوصيات وحقوق الأفراد والجماعات. وبقي القضاء العراقي يتعاطى حد اللحظة مع كل هذه الاختلالات بموجب قانون العقوبات رقم 111 الصادر سنة 1969، اذ كلما قدمت مسودة قانون جرائم المعلوماتية، التي تنظم العلاقات بين فضاء العالم الافتراضي والواقع الاجتماعي، أثيرت ضجة كبيرة، تقودها بعض منظمات المجتمع المدني، ومن خلفها الارادات الخارجية الداعمة للارباك والفوضى التي تساهم بها مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى عدم المساس بحرية الرأي وعدم تكميم الأفواه، وصولا إلى توظيف هذه المواقع في صناعة الفتن وتهديد السلم المجتمعي. وبعد تشريع قانون المنظمات غير الحكومية رقم 12 لسنة 2010 بقي العمل بقانون بريمر الخاص بمنظمات المجتمع المدني، إذ لم يتم الغاؤه بشكل صريح، في وقت لم يشرّع فيه قانون جرائم المعلوماتية حد اللحظة، ما جعل الباب مفتوحا لتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي في الصراعات السياسية واثارة الفتن متى ما شاءت الارادات التي تتحكم بالمشهد، بدعوى الدفاع عن الحريات. إن عدم الوضوح القانوني إزاء الممارسات غير المنضبطة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتسليم بمجهولية التمويل لبعض الجهات بوصفها منظمات مجتمع مدني، يحمّل الحكومة الجديدة ومجلس النواب الجديد، مسؤولية عدم السكوت على مسودات القوانين المعطلة، وفي مقدمتها قانون جرائم المعلوماتية، الذي تعود بوادر تقديمه إلى مجلس النواب منذ العام 2006، إذ كلما جاءت حكومة جديدة، أعطت الأولوية في برنامجها لتشريع هذا القانون، ولكن المسودة تعاد للحكومة بعد أن تثار ضجة شديدة من قبل منظمات المجتمع المدني، حتى استبيح فضاء الحرية بالفوضى، واختلط المحتوى الهابط بالمحتوى الجاد، بدءا بمواقع التواصل الاجتماعي وانتهاء بساحة التحرير.


Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية